أكد الأثري علي أبودشيش عضو اتحاد الأثريين المصريين أن الفراعنة كانوا دائمي التجول بين الصحارى بحثا عن الثروات والخيرات، ولذا برعوا في استخراج الذهب ومعرفة أماكن تواجده.
وأضاف أبو دشيش في تصريح صحفي، أنه في عهد الملك سيتي الأول خرجت أول خريطة جيولوجية، وأقدم خريطة منجمية في العالم اجمع، وهى خريطة فرعونية مسجلة على ورق البردي يعود تاريخها إلى 1400 ق.م، وهى محفوظة حاليًا في متحف تورين بإيطاليا، ومسجل بها أسرار مناجم الذهب عند الفراعنة.
كما أشار إلى أن هذه الخريطة اكتشفت في القرن التاسع عشر الميلادي، ويرجح العلماء أن هذه الخريطة تشير إلى منطقة بين الأقصر والبحر الأحمر والتي كانت تزود الفراعنة بالمعادن النفيسة التي كان يصنع منها الحلي والأساور والتماثيل، لافتًا إلى أن الفراعنة اهتموا باستخراج الذهب كأحد الخامات المستخدمة في الفنون الخاصة به.
واستعرض ابو دشيش براعة قدماء المصريين في تشكيل الذهب واستخراجه من صخور الكوارتز، موضحًا أن المصري القديم كان يعمد فيه إلى قطع عروق الذهب مع قطعة الصخر المحيطة بها من الجبل وذلك بوسائل متعددة منها النار، وبعد أن يخرج قطع الصخر هذه من المناجم يعمل على تفتيتها إلى قطع صغيرة، ثم تطحن إلى مسحوق ناعم مثل البودرة، وتوضع على سطح مائل، ويمرر فوقه تيار من الماء بحيث يمكن فصل ذرات الذهب منه، وقد عثر على بعض الأدوات الخاصة بعملية السحق بالقرب من منجم أم الروس القديم، وهنا تظهر براعة وإبداع الفراعنة حيث ان عملية السحق اليوم تحتاج إلى أدوات متقدمة لسحق هذه الصخور الحاملة للذهب.
وأشار إلى أن قدماء المصريين سجلوا على جدران مقابرهم مناظر استعمال الذهب وصياغته ففي مقبرة "الملكة تى" في سقارة أي عصر الدولة القديمة، وفى مقبرة "مريروكا" نرى عمليات وزن الذهب وحصره وتسجيله، ثم تسليمه إلى العمال ورؤسائهم لصياغته في حلى وتمائم وقلادات.
وقال إن الفراعنة أول من صنعوا فرن لصهر خام النحاس وهو من أكثر الخامات التي استخدمها الفراعنة بعد الذهب، موضحًا ان النحاس أول معدن عثر عليه الفراعنة واستخرجوه من شبه جزيرة سيناء والصحراء الشرقية، وقد استخدم المصري القديم أدوات من الصوان لاستخراج النحاس إذا ما كانت طبقاته سطحية، وإذا امتدت طبقاته تحت سطح الأرض فقد كان يستخدم أزميل من النحاس يحفر بها الصخور للوصول إلى طبقات النحاس تحت الأرض، لافتًا الى انه عثر على الكثير من تلك الأزاميل بسيناء.
وأضاف انه بعد استخراج المعدن يطحن وينظف ويوضع مع كميات من الفحم في كومه على سطح الأرض أو في حفره غير عميقة، ويتم إشعال النار في هذه الكومة مع إمرار تيار من الهواء عن طريق أنابيب ينفخ فيها أو اى منفاخ أخر لإشعال النار، موضحا انه بهذه الطريقة المتبعة كان يذاب خام النحاس ويفصل من المواد العالقة به، وهذه الطريقة المتبعة الآن في صهر الناس مع بعض التعديلات.
وتابع انه قد تم العثور على بقايا فرن فرعوني في شبه جزيرة سيناء، كان مستعملًا لاستخلاص النحاس من خاماته، ويتكون هذا الفرن من حفرة في الأرض عمقها قدمان ونصف القدم، يحيط بها حائط من الحجر به ثقبان لنفخ الهواء منها، ويعتبر هذا الفرن أول فرن في العالم لصهر خام النحاس أنشأه الفراعنة.
وأوضح انه لعملية تشكيل النحاس كان المصري القديم يستعمل مطارق من الخشب أو غيره ليحول هذه القطع من المعدن إلى صفائح مطروقة، يستطيع ان يشكل فيها ما يشاء وقد اتبعت هذه الطريقة في تمثال (ببى الأول) احد ملوك الأسرة السادسة.
وعن صناعة الزجاج فى مصر القديمة، اشار الاثري على ابودشيش الى ان صناعة الزجاج في مصر كانت من الصناعات التي لاقت رواجا كبيرا وكانت صناعة الزجاج معروفة للمصري القديم منذ أول عصور تاريخية، حيث عثر على بعض الحرز والتمائم المصنوعة منه، وأيضا على بعض الأواني.
وأكد ان المواد التي يصنع منها الزجاج هى الرمل وتحتوى على عنصر كربونات الكالسيوم، وصنع الفراعنة الزجاج بخلط هذه المواد وتوضع فى جفنات من الخزف وتسخن تسخينا شديدا في فرن خاص إلى ان تنصهر انصهارا كليًا، وتتحد ببعض اتحادًا تامًا وتصير كتلة الزجاج الناتجة صافية متجانسة، وبعد ذلك يصب الزجاج ويشكل ويلون فكان هناك اللون الأصفر والأزرق والأسود الشفاف وأيضا عديم اللون، موضحًا انه قد وجد في مصر مصانع عديدة للزجاج منها في عهد الملك امنتحتب الثالث وأربعة مصانع وجدت في تل العمارنة في عهد اخناتون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق