الثلاثاء، 9 يناير 2018

الملك أمنحتب الثالث.. ترك معبدا ضخما دمره الزلزال وأنجب صاحب أكبر ثورة دينية


على عكس كثير من الملوك في الدولة المصرية القديمة الذين استمدوا شهرتهم من معارك حربية عظيمة وفتوحات اتسعت بها رقعة الإمبراطورية المصرية، سجل الملك أمنحتب الثالث اسمه في سجل أهم الملوك المصريين عن طريق السلام.

كانت وزارة الآثار قد أعلنت، اليوم الإثنين، أن اللجنة التي شكلها د.مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار برئاسة جمال عبد الناصر، مدير عام آثار سوهاج، قد أكدت أثرية القطعة التي عثر عليها في موقف سيارات أخميم الشرقي بمحافظة سوهاج.

وأشار وزيري إلى أن القطعة تعود للملك أمنحتب الثالث، وهي عبارة عن جزء من تمثال جرانيتي للملك.

أمنحتب الثالث الملك المحب للسلام

أمنحتب الثالث أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة التي تعد إحدى الأسر المميزة في تاريخ الإمبراطورية المصرية القديمة. وهو ابن الملك تحتمس الرابع، وحكم مصر خلال الفترة من 1391 حتى 1353 قبل الميلاد.

بدأ أمنحتب الثالث حكمه منحازًا للسلام على عكس ما اعتادته الإمبراطوريات في تلك الفترة، وباستثناء القلاقل التي كان عليه أن يتصدى لها، أقام الملك المصري عددًا من معاهدات السلام مع الممالك في قارة آسيا، ونتج عن ذلك مزيد من التقارب الحضاري بين الشعب المصري وتلك الشعوب.

كذلك يرتبط اسم أمنحتب الثالث بالحب، فالمؤرخون يرون أن علاقته بزوجته الملكة تي تمثل علاقة حب قوية حيث إن "تي" لا تحمل دماءً ملكية، فرغم أن أباها كان موظفًا كبيرًا في الدولة، فإنه لا ينتمي للعائلة المالكة بأي شكل من الأشكال، هذه العلاقة التي تجسدها التماثيل التي يظهر فيها الملك بجوار زوجته.

كما أن أمنحتب الثالث هو والد أحد أكثر الملوك المصريين إثارة للجدل في التاريخ، وهو الملك إخناتون الذي أوقف عبادة الآلهة المصرية المختلفة وفرض عبادة آتون إله الشمس، وهو الأمر الذي تسبب في ثورة أضعفت حكمه وانتهت بموته مبكرًا.

مصر تنفتح فنيًا على الحضارات الأخرى

يشير المؤرخون إلى عدة مجالات ظهر فيها تأثر قدماء المصريين في تلك الفترة بحضارات غيرهم من الشعوب، غير أن هذا التأثر يبدو جليًا ، ويتضح ذلك في التماثيل المتعددة المكتشفة للملك أمنحتب الثالث، من بينها الجزء العلوي من التمثال المكتشف في 2010 بالبر الغربي بالأقصر، الذي وصف بأنه "من أروع التماثيل الملكية التي عثر عليها في الآونة الأخيرة، من حيث دقة النحت وإبراز التفاصيل الدقيقة لوجه الملك".

بالإضافة للتماثيل المتعددة التي تصور الملك، ترك أمنحتب الثالث معبدًا جنائزيًا يروي المؤرخون أنه كان على درجة عالية من الجمال والرقي الفني، غير أن ذلك المعبد لم يقدر له أن يبقى، فالمعبد الواقع بمحافظة الأقصر حاليًا كن قريبًا من النيل بما يكفي ليتضرر من مياه النيل التي لم يكن يعوقها سد آنذاك. ولأن المصائب لا يأتين فرادى، فقد ضرب زلزال المنطقة في العام 27 قبل الميلاد أتى على البناء ولم يتبق منه سوى بقايا أبرزها التمثالان المعروفان بتمثالي "ممنون".


مفاجآت واكتشافات متعددة يخبئها المعبد الجنائزي

وبناءً على الشهرة التي حازها المعبد الجنائزي، كثفت وزارة الآثار جهودها في التنقيب عن الآثار في المعبد والمناطق المجاورة، وذلك من خلال بعثات مشتركة عثرت في السنوات الأخيرة على عدد من القطع التي أكدت شهرة الملك المحب للسلام.

في مارس 2010 أعلنت وزارة الثقافة المصرية - حيث لم تكن قد أنشئت الوزارة المعنية بشئون الآثار بعد- عن إنشاء رأس تمثال من الجرانيت الأحمر للملك أمنحت الثالث، وهو الرأس الذي يبلغ طوله مترين ونصف المتر، وذلك في معبده الجنائزي. وكانت هوريج سوريزيان، التي كانت ترأس البعثة المصرية الأوروبية المشتركة، قد قالت آنذاك إن الرأس المكتشف يمثل قطعة من بين 84 قطعة أثرية عثرت عليها البعثة.

وفي أكتوبر من العام نفسه عثرت البعثة المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار على الجزء العلوي من تمثال من الجرانيت أيضًا لأمنحتب، وذلك بالقرب من تمثالي "ممنون"، وهو الجزء الذي بلغ طوله 130 سنتيمترًا. وبعدها بشهر واحد أعلنت الوزارة عن اكتشاف تمثال مزدوج لأمنحتب الثالث، جالسًا بجوار الملك رع حور آختي.

في مارس 2016 أعلنت وزارة الآثار عن اكتشاف عدد من التماثيل للإله سخمت بمعبد أمنحتب، وهي المجموعة التي ضمت 3 تماثيل مكتملة للإلهة التي تظهر برأس لبؤة وجسد أنثى بشرية.

وعودة إلى "قصة الحب" بين الملك وزوجته، أعلنت وزارة الآثار في مارس من العام الماضي عن اكتشاف تمثال يصور أمنحتب وتي متجاورين، ويصور أيضًا هذه العلاقة التي شكلت خطرًا يهدد بقاء الملك في منصبه بعد أن تزوج من فتاة من عامة الشعب.

وفي الوقت نفسه أعلن د.خالد العناني، وزير الآثار، عن اكتشاف أول تمثال من الألبستر للملكة تي، وهو الاكتشاف الذي رآه العناني "مهمًا وفريدًا"، حيث أن التماثيل التي اكتشفت للملكة كان جميعها - حسب وزارة الآثار- من مادة الكوارتزيت.

كما أعلن وزير الآثار عن اكتشاف 109 تماثيل للملك وللإلهة سخمت - إلهة الحرب عند قدماء المصريين- بالإضافة لتمثال من الألبستر يصور الملك جالسًا.

رغم هذا العدد من الآثار المكتشفة للملك أمنحتب الثالث فإن الشواهد تدل على أن اكتشافات جديدة ما زالت في الطريق، فماذا يخبئ لنا الملك المصري من مفاجآت في قادم الأيام؟




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق